شتاء ٢٠١٦-٢٠١٧
قبل أن يفوت الأوان و ونُعانق روح الفُراق، كانت قد بدت لي قصيدة أظلُّ أقرأها ، أو كأغنيّة فيروزيّة أتغنّاها مع بداية كُلّ صباح ، أو كَ مشهدٍ سينيمائي أغفو عليهِ كُلّ ليلة وأقابل حُلمي ، اقصد أُقابلها..
قالت لي ذات يوم : "لم لا نذهب إلى "وسط البلد" فهُنالك يُوحَىٰ المشهد الرومنسي و أجواء شتويّة لكنها دافئة في ذات الوقت ، حياةٌ وفن نجدهما هناك ومعكَ أنتَ خصيصاً قد أشعر أنني في الجنة ، لا بل وكأنني أملُكُ الجنّة وحدي".
بالطبع ستكون إجابتي "أجل موافق لم لا".
سأوافق، اذا كنتُ انا و وسط البلد والفن والحياة والمشهد الرومنسي بالنسبة لها جنّة ، فهي جنّاتٍ بالنسبة لي وليست سِوى جنّة واحدة ، لكنني لم أكُن أعلم أن الجنّة ستصبح جهنم يوماً ما ، هل من الممكن أن تتحول الجنّة إلى جهنّم .؟
من الممكن أن تكون تلك الليلة الشتويّة في "وسط البلد" مع الحياة والفنّ أجمل ليلة أقضيها ، قالت لي بينما نغدو بالشوارع المُضيئة: "أتدري! أنت طوّقت قلبي". فالبداية لم أفهم ماهية ما قالتهُ ، قلت بداخلي لعلّها تنطق عن قلبي ، فهي التي طوّقت قلبي !.
دخلنا مقهى ، لا أذكُر أيّهما "عفرا" أم "جفرا"
كانت في تلك الليلة تبدو كأنها مُتعبَة من شيءٍ ما او بداخِلِ روحها شيئاً تُريد أن تُحدّثني عنه ، لا بأس فأنا لم أسألها على الإطلاق ، ادركت ذلك لكنني لم أقُل لها شيئاً.
قالت مرةً أُخرى ولكن بتنهيدةٍ مزّقت روحي: "لِم تفعل هذا معي؟" ، لستُ ادري ما درالي هذهِ المرّة ولكنّني بقيت صامتاً أيضاً ، لستُ أدري ما الصمت الذي إعتراني تلك المرّة ، قالت: "ماذا تفضّل أن نطلُب .؟" ، ليلة شتويّة و "وسط البلد" وأنتي سويةً! سأطلب لي القهوة و سادة مع "وجه غامق".
ما زلتُ أذكُر عيناها وكيف كانت تبدو ، مُكحّلتين بكُحلةٍ أشدُ سواداً من وجه القهوة الغامق الذي طلبته! ، كانت ترتدي قُبّعة شتويّة بيضاء وشالٍ على العُنق . في كُلِّ مرّة كنا نأخذ صورة سويّة ولكن لِسوءِ حظّي الجميل أننا لم نأخذ في تلك المرة التي كان من الضروري أن نأخذ صورة.
كانت دائماً ما تقولُ لي: "لِم تُصفّف شَعرَك على هذا النحو؟".. كُنت أضحك في كُلِّ مرة تسألني هذا السؤال ، لإنني اعتدت تلك التصفيفة. واعتدت على سؤالها ذاك!
كان شتاء ٢٠١٦ - ٢٠١٧ من أجمل الفصول الشتويّة التي قضيتها ، كانت تفضّل البقاء بجانبي طوال الشتاء ، عانقنا النجوم في كُلّ ليلة ، وصلنا إلى القمر ولامسنا السماء ، غرقنا بالمطر كثيراً وغنّينا إلى أن تمزّقت أحبالنا الصوتيّة ، لا أذكر عدد المرات التي قُلت لها فيها "أحبُّك"؛ فهي لا تُعد ولا تُحصى.
لا أدري إن كُنت لا أزال أحبها أو لا ، لا أدري إن كان يخطر على بالها هي ذات السؤال ، هل هو حنينٌ لها أم شغفٌ لذلك الشّتاء ، ولكنني على يقين أنني أشتاقها كثيراً ولو حاولت أن اقنع نفسي بعكس ذلك ، لكنني أشتاقها جداً.